CBVPOST

بنعتيق يتوقع حربا باردة بين الصين وأمريكا بعد جائحة كورونا

alt=

في سنة 1974 الزعيم ” ديان زبينغ” آنذاك نائب رئيس الحكومة الصينية، أعلن و من منصة الأمم المتحدة بنيويورك، أن “الصين ليست بقوة عظمى و أنها لا تطمح لذلك “، الصراع الأمريكي الصيني ليس وليد الرئاسة الحالية، له جذور تاريخية لفهمها و إستيعابها ضروري الرجوع لمرحلة الأربعينات من القرن الماضي، من خلال التوقف عند وثائق لجنة ” ديكسي” الأمريكية و قرائتها بشكل جيد، هذه اللجنة التي كان يترأسها سنة 1944 الكولونيل ” دافيد برايت”، لاحظت عند زيارتها للصين أن القوة المدعمة آنذاك “لماو سيتونغ” كانت تتمتع بسلوك أخلاقي و بإنضباط محكم بالمقارنة مع المناطق التي كانت تسيطر عليها القوات الوطنية، و بالتالي من الضروري حسب خلاصة هذه اللجنة أن تقترب الولايات المتحدة الأمريكية من شرائح هذه القوات و قادتها، خمس سنوات بعد هذا التقرير وصل ” ماو سيتونغ” إلى الحكم، إختارت بكين معسكر الشرق بقيادة الإتحاد السوفياتي. في سنة 1953 كل أعضاء لجنة “ديكسي” تعرضوا للمضايقات و ألصقت بهم تهم تبني الفكر الشيوعي من طرف لجنة أخرى ترأسها آنذاك السيناتور ” ماكارتي”. خلافات ستطفو على السطح بين القيادة الصينية و موسكو، هذه الأخيرة شرعت في تنفيذ مناورات عسكرية على الحدود بين البلدين و بالضبط بواد ” أوسري”، مما دفع “ماو سيتونغ” إلى الشك في نوايا الإتحاد السوفياتي من إحتمال تفكيرها في هجوم عسكري على الصين، هذا التخوف دفع القيادة في بكين إلى الدخول في إتصالات سرية مع واشنطن مهدت لزيارتين قام بهما ” هنري كسنجر” لبكين فاتحا المجال لزيارة الرئيس ” نيكسون” للصين في يناير 1972، العلاقات تطورت بعد وصول ” كارتر” للحكم ثم وفاة القائد الصيني “ماو سيتونغ” و بروز ” ديان زيبينغ” كقائد جديد على الساحة الصينية، هذا الأخير أحدث تحول جدري في المقاربة السياسية للحزب الشيوعي الصيني جاعلا من التطور الإقتصادي للبلاد إحدى أهم أهدافه الكبرى، قام بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية في أواخر السبعينات، حاول فهم النسيج الإقتصادي الأمريكي عن قرب، لم يقف عند هذا المجال بل تعداه إلى السماح للأطر العسكرية الصينية بولوج المدرسة العسكرية الأمريكية الشهيرة ” ويست بونت”، كما أذن للطلبة الصينيين بالإلتحاق بالجامعات الأمريكية. عندما إختار الزعيم الصيني “ديان زبينغ” ربط إقتصاد بلده بالإقتصاديات الغربية في بداية الثمانينات، لم تكن الصين حاظرة حتى ضمن 50 دولة مصدرة في العالم، بعد ثلاثين سنة أي في بداية سنة 2010 تحولت الصين إلى القوة الأولى متزعمة لائحة الدول الأكثر تصديرا للأسواق العالمية، من هنا يجب إستحضار تخوف مراكز القرار الأمريكية من المقاربة الجديدة التي وافقت عليها القيادة الصينية سنة 2015، و المعروفة ب ” made in chaîna 2025 “، الهادفة إلى جعل الصين عن طريق شركاتها الكبرى عملاقا أساسيا ضمن كل القطاعات ذات القيمة المضافة تكنولوجيا و الإنتقال من صين كانت تعتبر من طرف الغرب ” كورشة للعالم” إلى قوة إقتصادية حقيقية، لتأكيد هذا المنحى و بالأرقام، ففي سنة 1996 و ضمن لائحة 500 شركة الأكثر تفوقا في العالم، لم يكن الحضور الصيني يتجاوز شركة واحدة، سنة 2017 إنتقل هذا العدد إلى 106 شركة في مقابل 132 شركة أمريكية، جزء كبير من هذه الشركات الصينية إختارت الإستثمار في مجالات صناعية و تكنولوجية حساسة، مما أحدث خوفا في أوساط صناع القرارات الكبرى في دول متقدمة عديدة و منها الولايات المتحدة الأمريكية، من هنا يجب حسب المتتبعين و المختصين قراءة مبادرات ترامب اتجاه الصين التي ليست وليدة اليوم، هدف هذه المبادرات هو الإستمرار في معركة الحفاظ على التفوق الأمريكي و إن كان ذلك على حساب إستقرار العالم تجاريا بخلق ظروف قد تكون لها إنعكاسات سلبية و قد تعمقها أزمة كرونا الحالية.

Exit mobile version