CBVPOST

شهر رمضان بدون “نكهة” في الدول المغاربية

alt=

“ذهبت نكهة رمضان” هي عبارة يكررها الصائمون في منطقة المغرب العربي، بعدما حرمهم فيروس كورونا المستجد من أنواع من الحلويات ومن التحلق حول موائد الإفطار العائلية ومن السهرات الرمضانية وحرم المحتاجين من موائد الخير.

وتقول الأستاذة الجامعية ميساء (46 عاما)، “فقدنا نكهة رمضان منذ سنين عدة لكن هذه السنة جعل كورونا الشهر الكريم بلا نكهة”.

وتقول ميساء وهي أم لأربعة أولاد “كنت أعيش هذه النكهة على الاقل من خلال الاجتماع في بيتي حول مائدة الإفطار مع عائلتي كما فعلت طيلة 15 سنة. لكن حتى هذا غير ممكن، فأنا أخاف على والدي المسنّين والمريضين”.

اضطُر الوباء وإجراءات الحجر وحظر التجول، الصائمين للتنازل عن موائد الإفطار العائلية، وكذلك عن السهرات الرمضانية في البيوت أوالمقاهي أو “الخيام الرمضانية” التي تُقام فيها سهرات موسيقية تستمر حتى السحور.

وتحولت المدينة القديمة في تونس التي كانت تكتظ بالساهرين بمجرد الانتهاء من الإفطار، إلى مدينة أشباح بمحلاتها المغلقة ودروبها الخالية.

لا ضحكات تعلو ولا تصفيق ولا رقص على وقع موسيقى “السطمبالي” الصحراوية و”الحصرة” الصوفية المنتشرة في كل دول المغرب العربي.

– رمضان حزين –

بالنسبة لوليد الذي كان يقوم ببعض المشتريات في سوق أريانة في تونس، تغيرت أشياء كثيرة “فجوّ رمضان غير عادي دون الالتقاء في المقاهي…. لكن بسبب الحجر لا يمكن الخروج”.

وقالت امرأة لم تجد طلبها من حلويات رمضان سواء الصامصة والزلابية والمقروط (حلوى من السميد مشربة بالعسل) إن “رمضان هذه السنة مختلف”.

ورغم أن محلات الحلويات ظلت مفتوحة في تونس والمغرب، إلا أن الحجر الصارم منع الناس من الخروج وكثيرون منهم فضّلوا صناعة الحلويات في منازلهم.

في الجزائر، وبعدما قرّرت الحكومة الجزائرية تخفيف إجراءات الحجر والسماح بعودة بعض الأنشطة التجارية ومنها محلات بيع الزلابية و”قلب اللوز” المصنوعة من السميد والمحشوة باللوز، عادت الى إغلاقها. فقد هرع الصائمون في اليوم الأول من رمضان بأعداد كبيرة الى محلات الحلويات، وتشكلت طوابير طويلة دون احترام إجراءات التباعد والوقاية الصحية، مثل وضع الكمامات.

ومنهم من قطع أكثر من 30 كيلومترا من العاصمة الجزائرية نحو بوفاريك المعروفة بصناعة الزلابية، بمجرد رفع الحجر عنها، باعتبارها تقع في إقليم ولاية البليدة، بؤرة وباء كورونا في البلاد.

وانتقل سالم (51 عاما)، العامل في ورشة بناء، في اليوم الثاني من رمضان إلى بوفاريك لشراء الزلابية التي يقول إنها “نكهة رمضان وسلطانة مائدة الإفطار”، لكنه عاد “خائبا”.

ويقول بأسف “منذ ثلاثين سنة وأنا لا أتخلف أبدا على شراء زلابية بوفاريك، لكن المدينة هذه السنة حزينة وأغلب محلاتها مغلقة والمفتوحة مكتظة بالزبائن بشكل مخيف جعلنا أنا ورفيقي نعود إلى العاصمة خائبين خاليي اليدين”.

في العاصمة، لجأ أشهر محل لبيع “قلب اللوز” في القصبة، الوسط القديم للجزائر العاصمة، إلى تنظيم البيع بناء على مواعيد. “تقدم الطلبية، تدفع، يحدد لك رقم وموعد للحصول على الحلويات، دون الحاجة للوقوف في الطابور”.

في قسنطينة، إحدى أكبر المدن في الشرق الجزائري، حصل تدافع بين الزبائن من أجل شراء حلوى “الجوزية” المصنوعة من العسل والجوز والأساسية على مائدة رمضان، فأمر مسؤولو المدينة بغلق محلات الحلويات.

-“هناك من لا يجد تمرة”-

في المغرب، تتوفر “الشباكية” المعسّلة والحلويات التقليدية الخاصة برمضان بشكل عام في الأسواق الشعبية وحتى في المتاجر الكبرى.

ويقول أستاذ مدرسة يعيش وحيدا في مراكش، “كل شيء موجود، لكن في المقابل لا أستطيع التنقل لتناول الإفطار مع والدي”.

ويضيف “الوضع أكثر غرابة في الليل، فلا مقاهي ولا مصلين في المساجد…لم يسبق أن شهدنا هذا”.

ورغم حظر التجوال في المغرب لمنع السهرات الرمضانية، إلا أن بعض المخالفين يخرجون “غير بعيد عن البيت لتدخين سيجارة ثم العودة مباشرة”، كما يقول شاب من حي شعبي في سلا قرب الرباط.

وحتى ملعب كرة القدم المقابل للحي خال من اللاعبين الذين اعتادوا تنظيم دورات رياضية بمناسبة رمضان.

وحذّرت مجموعة “أطباء الجزائر” عبر صفحتها على فيسبوك من أن تخفيف إجراءات الحجر أدى إلى ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كوفيد-19 خلال الأسبوع الأول من رمضان، إذ تم تسجيل أكثر من ألف حالة جديدة بين اليومين الأول والسابع.

ومن الإجراءات التي تترك أثرا سلبيا كبيرا في رمضان، منع “مطاعم الرحمة” في الجزائر، وهي موائد إفطار تنظمها جمعيات خيرية في كل أرجاء البلاد لتقديم وجبات ليس للفقراء فقط ولكن أيضا لكل من لم يتمكن من الذهاب الى منزله بسبب العمل أو عدم توفر وسيلة نقل.

ومن أكثر الجمعيات الناشطة في هذا المجال “مؤسسة ناس الخير” المعروفة بخيمتها العملاقة في حي باب الواد الشعبي بالعاصمة الجزائرية والتي غابت هذه السنة بسبب وباء كوفيد-19.

ويقول المنسّق العام للجمعية فخر الدين زروقي “عملنا لم يتوقف هذه السنة حتى وإن لم نتمكن من نصب خيمتنا حيث كنا نقدم حتى 1500 وجبة يوميا. لكن بدل أن ندعو الناس للإفطار، نقوم نحن بإيصال الإفطار لهم”.

وبحسب زروقي، فإن الطلب “تضاعف عشر مرات، لذلك نعمل من أجل الوصول إلى عشرة آلاف وجبة يوميا”.

لكن بالنسبة الى سمير، أحد المتطوعين في الهلال الأحمر الجزائري، “عدد الذين تصلهم الإعانات قليل جدا مقارنة بعدد المحتاجين. فبينما نتأسف نحن على غياب نكهة رمضان بسبب حلوى او سهرة، هناك من لا يجد تمرة يفطر عليها”.

أ ف ب

Exit mobile version